في هذا التوقيت المربك تمّ الاحتفاء بالرواية عالميّا، حيث صدرت لها ترجمة فرنسية عن (دار زويه) السّويسرية بترجمة ندى غصن، بعنوان «LE BEL OTAGE». صدرت الطبعة الأولى من الرواية في بيروت عام 1984، لكن في هذه الطبعة الأولى لم يقسّم زيد مطيع دماج روايته إلى فصول ثلاثة كما فعل في الطبعة الثانية التي صدرت في لندن عام 1997.
طبعت الرواية أكثر من خمس مرات في بلدان مختلفة، كما تم اختيارها ضمن بواكير الأعمال الإبداعية المنشورة في مشروع اليونسكو (كتاب في جريدة)- العدد الرابع. ومنذ طباعتها للمرة الأولى طُبع منها حوالي ثلاثة ملايين نسخة، كما تُرجمت مِن قبل إلى الكثير مِن لغات العالم، منها الفرنسية والإنكليزية والإسبانيّة والروسيّة والألمانية والصربيّة والهندية واليابانية، كما كشف التلفزيون اليمنيّ عن إنتاج مُسلسل عن الرِّواية ذاتها، والأهمّ هو ما أثاره الحوثيون الذين قيل إنهم ينتمون إلى عائلة الإمام، باعتراضهم على الرواية التي حسب وجهة نظرهم أنها ليست عملا أدبيا، وإنما أتت للنيل من أسرتهم في صورة نساء القصر.
في الحقيقة أن هذا الاهتمام تستحقه الرِّواية، وهو ما أهّلها من قبل لأن تُدرج ضمن قائمة أفضل مئة رواية عربيّة في القرن الماضي (حسب استطلاع اتّحاد الأدباء العرب عام 2000)؛ فلقد استطاع المؤلف أن ينقلَ أجواء المحليّة اليمنيّة إلى العالميّة، كما استطاعَ أن يُقدِّم نصّا مِن النُّصوصِ الصّدْمَةِ؛ بخرقه للتابوهات الشّائكة في واقعنا العربيّ وأوّلها السِّياسة وثانيها الجنس، وصدمتها الحقيقية عندما يرتبط الجنس بالسياسة.
فالكاتبُ استطاعَ أن يكشفَ المستور عنه داخل القصور الحاكمة، ويكاد يكون النُّصُّ الوحيدُ بعد نصّ ألف ليلة وليلة، الذي نَقَلَ لنا أجواء ما يدور في الحريم السلطاني مِن علاقات مُحرّمة وشذوذ، علاوة على حالة القهر التي تصل للخصي والاستعباد للمعتقلين، وهو ما يؤكِّد على أهمية هذا النص. الرِّواية في بنيتها تكاد تكون نقدا لاذعا لأجواء حكم الآئمة، بل تتجاوز هذا إلى أن تكون أشبه بالوثيقة لإدانة كاملة لحُقبة الأربعينات التعيسة، بما أحدثته مِن سياسات جعلت من اليمن معزولا، رازخا في عصور الظلام التي خرجتْ عليها ثورة الدستوريين عام 1948، ثمّ تلتها ثورة الأحرار عام 1962. ورغم الأجواء التي دارت فيها الأحداث تبدو أشبه بالوقائع الأسطورية، لكنها مع الأسف هي الواقع اليمني في عهد الأئمة الذين حكموا اليمن، وفرضوا عليه عزلة، ومنعوا تطوّره الحضاري، فكريا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا، ومن خلال هذا الواقع يبدو فضاء المدينة باهتا وضيقا ومخنوقا.
عندما تصدّى الدكتور عبدالوهاب المقالح لترجمة الرواية إلى الإنكليزية تساءل بينه وبين نفسه عن المثير الذي يبحث عنه القارئ الأجنبي؟ وقد وجد في الأخير أن رواية الرهينة هي رواية يمنية بامتياز، وهي قادرة على أن تخلق جوّا من المتعة والإدهاش لدى القارئ الأجنبي إضافة إلى امتلاء الرواية بالمعلومات عن البلد، حيث تُقدِّم “كمّا هائلا عن جغرافية اليمن ونظامه السياسي وعاداته وتقاليده وحياته… إلخ، ما لا تقدمه الكتب التاريخية والبحوث الأكاديمية”.
ويشير إلى أن الرواية “إذ تقدم هذه المعلومات تقدمها بأسلوب شيق وغير مباشر، فيجد القارئ بعد فراغه من قراءة الرواية أنه صار يعرف عن اليمن في حقبة ما، الكثير على غير توقع″ وهو ما يجعل من الرواية أداة نقل البلد المحلي إلى العالمية. فكما يقول إن الخصوصية المحلية الكثيفة في الرواية هي ما يصنع سحرها وجاذبيتها وجمالها، فالكاتب لا يتكلف ولا يزخرف، ولا يستهويه اللعب اللغوي والفبركات الأسلوبية.
إنه يجعل الرهينة يحيا في هذا الوسط بكل ما فيه، فحسب، وفي هذا وحده من تحفيز للقارئ المحلي والأجنبي على السواء ما فيه. وعن الترجمة الفرنسية التي أنجزتها ندى غصن، وقد نشرت مقالا احتفائيا بصدور الترجمة الفرنسية عن دار زويه السويسرية، في جريدة لوموند قالت فيه “إن زيد دماج منح اليمن الأربعينات التعيسة دما ولونا، بلغة شعرية متمردة خاصة جدّا”.
ولد زيد مطيع دمّاج عام 1943 في عزلة النقيلين، بمحافظة إب، وهو نجل المناضل الثوري المعروف الشيخ مطيع بن عبدالله دماج. تلقى تعليمه الأولي في المعلامة “الكتّاب” مع أقرانه في القرية فحفظ القرآن الكريم وبعد ذلك تولى والده تعليمه وتثقيفه من مكتبته الخاصّة التي عاد بها من عدن فقرأ كتب الأدب والتاريخ والسياسة وكان من أهمها “روايات الإسلام” لجرجي زيدان.
ثم ألحقه والده بالمدرسة الأحمدية في تعز وحصل فيها على الشهادة الابتدائية سنة 1957. وقد استطاع والده بواسطة صديق له إرساله إلى مصر عام 1958 فحصل على الشهادة الإعدادية من مدينة “بني سويف” بصعيد مصر عام 1960 والشهادة الثانوية من مدرسة “المقاصد” بطنطا عام 1963. وبعدها التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة سنة 1964 لكنه تركها بعد سنتين والتحق بكلية الآداب، قسم صحافة، بعد أن برز توجهه الأدبي. بدأ يكتب المقالات السياسية وبواكير أعماله القصصية في مجلة “اليمن الجديدة”.
في عام 1968 استدعاه والده إلى أرض الوطن، فغادر مصر إلى اليمن للمشاركة في العمل الوطني وبقائه مع والده الذي كان رافضا التنازل عن أهداف الثورة اليمنية والصلح مع الملكيين. ولم يكمل دراسته لظروف والده الصحية واعتكافه للعمل السياسي. تم انتخابه عضوا في مجلس الشورى أول برلمان منتخب في البلاد سنة 1970 عن ناحية السياني وكان رئيسا للجنة الاقتراحات والعرائض وتقصي المظالم. وفي يناير 1976 عين محافظا للواء المحويت وعضوا في مجلس الشعب لفترتين متتاليتين منذ عام 1979. وعين وزيرا مفوّضا وقائما بالأعمال في دولة الكويت عام 1980.
له خمس مجموعات قصصية هي طاهش الحوبان، والعقرب، والجسر وأحزان البنت مايسة، وأخيرا المدفع الأصفر، إضافة إلى عمل سردي بعنوان “الانبهار والدهشة” وهو كتاب أشبه باليوميات أو السيرة الذاتية حيث حكى فيه دماج عن طفولته في تعز ودراسته في القاهرة. لم يكتف الكاتب بما أورده عن سيرته الحياتية وإنما تقاطعت مع سيرته سيرة الوطن والتطورات التي شهدها اليمن.
والكتاب جاء مُقسّما إلى جزأين الأول بعنوان “كتاب تعز″ وهو يختص بطفولته وحياته في تعز، والثاني بعنوان “كتاب القاهرة” وقد اختصه بمشاهداته عن القاهرة التي أرسله إليها والده للدراسة في مدارسها المتوسطة والثانوية حتى أنهى دراسته الجامعية في كلية الحقوق بالقاهرة. كان كتاب القاهرة النقيض لكتاب تعز حيث الابتسامة لم تغادر الطفل الذي كان يرثي يمنه الحبيب وهو يرى مظاهر الاندهاش في القاهرة بنبض حي لم يجده في معشوقته تعز التي كانت تبهره بمعالمها الرائعة وأحيائها الجميلة، والتي “لم يُخلق مثلها في البلاد” على حد وصفه.
ثورة بغلة
لكل شيء بداية ونواة الرهينة من «ثورة بغلة» في المجموعة القصصية «العقرب». وفي القصة يروي الرهينة عمّا رآه وعمن شاهدهم في سياق حديثه عن حياته حينما كان رهينة في قصر نائب الإمام قلعة القاهر، زمن حكم الإمامة المستبد الذي كان يأخذ أبناء “المشايخ” كرهائن لديه ضمانا لولاء “المشايخ” وطاعتهم لتلك الأسرة الحاكمة آنذاك.
فيصف لنا أحاسيسه وهو رهينة داخل القصر، وهو يحضر لأوَّل مرة حفلا وهو يوم الاحتفال بعيد النصر إلا أنه يفشل في المهمة، ومن ثمّ يُتْرَك جانبا ليصبح أحد المشاهدين للتدريبات التي تجرى استعدادا لهذا اليوم، وينقل لنا مشاعر الرهائن الآخرين الذين وقفوا هم أيضا يشاهدون ما يحدث، وإن كان ثمة انتقاد لذلك النظام الاستبدادي، حيث على الرهائن “الصمود والثبات لكي يكونوا في أول العرض قبل طلاب المدارس″.
لا تخلو أوصاف الرهينة وهو ينقل مشاهد الاحتفال من سخرية عما يحدث، فيتساءل في استنكار عن “لا أدري على من تم ذلك النصر؟ هل على حركة الأحرار… والدستور… والشورى؟ أم على هتلر وموسوليني، الذي يصادف اليوم ذكرى انتصار دول الحلفاء على دول المحور؟”.
الغريب أن الاحتفال يتم في ميدان صغير “لا يزيد عن كونه ملعب كرة قدم ترابيا أخذه الإمام غصبا من مواطنين كانوا يزرعونه ضمن حقولهم المدرجة التي تنتج الذرة، وبلا مقابل؛ باعتباره أرضا من وقف الغسانيين، بني رسول”.
لكن تأخذ السّخرية حدتها، عندما يتحوّل هذا الحدث إلى ميدان للسخرية بعد أن اضطربت “البغلة” وهي تجر أحد المدافع القديمة أثناء العرض أمام الإمام، “وزمجرت بصهيل مرعب” ومع محاولات أكثر من يد من “أفراد الطبيشة أن تمتد إلى عنانها لكي تخمد نفورها” لكن دون جدوى، وانتهى هذا المشهد العبثي بعد أن أصدر الإمام أوامره “عليكم بها” وهو ما أدَّى إلى زيادة هيجانها فتكالب الجند من مختلف رتبهم على البغلة ومدفعها القديم، إلا أنّها انطلقتْ بين الحشود مثل الوحش ولم يبقَ سوى الإمام في منصته مع حرسه وحاشيته وبعض الأجانب يتلقطون “صورا كذكرى لن تتكرر”.
كانت البغلة هي سبيل نجاة هذا الرهينة الذي وجد نفسه خارج الميدان، فانطلق بلا توقف لكي “ينعم بين أهله مدى الحياة، مخلفا وراءه كارثة لا يستطيع شرحها لأفراد أسرته”. في الرواية يأخذ الرهينة موقعا جديدا حيث تتصاعد الأحداث ويسرد عما شاهده الرهينة / الصبي داخل القصر/ المعتقل.
فتحكي الرواية قصة البطل «الرهينة» الذي لم يتجاوز اثنى عشر عاما وقد أخذوه عنوة من أبيه وأسرته، حتى يرضخَ أبوه الذي يُعارض سياسة الإمام وسيوفه يصيح بأقوال في الصحف عن أسرة الإمام وعن حالة بلده السيئة، فعاقبَ الإمام الجميع فلم يبقَ إلا النِّساء والأطفال أمّا الرِّجال فإمّا في السجون وإمّا هاربون.
لكن هذا الراوي يبدأ استهلاله بمشهد يرثي فيه المدينة التي تبدلت أحوالها هكذا “كم هي جميلة هذه المدينة! شاهدتها لأول مرة عندما أُخذت من قريتي ووُضعت في قلعتها (القاهرة) بين رهائن الإمام”. ثمّ يُنقل الفتى إلى قلعة الرَّهائن مع غيره من الفتية المحتجزين إلى حين استسلام آبائهم ورضوخهم لنظام الحاكم الجائر.
وفي قلعة الرهائن يتمّ توزيعهم إلى قصور الحاكم أو أحد نوابه ليعمل دويدارا (هو عمل يقوم به فتية صغار يتقرَّبون من حريم القصر، يخدمونهم، من غير أن يُسمّوا خدّاما، فهم أعلى شأنا من الخدم وأقلّ شأنا من المُرافقين)، وفي قصر نائب الإمام يُعهد به إلى الدويدار الحالي كما يطلقون عليه لتدريبه، وهنا تبدأ معالم الصدمة منذ أوّل ليلة يقضيها مع الدويدار الذي تأتي إليه إحدى نساء القصر ليمارسَ معها الجنس.
ويبدأ وعيه المغلق يتفتح على هذا العالم الشائك والعلاقات المُلتبسة بين الرهائن وشريفات القصر وجواريه، ثم علاقة الشريفة حفصة بشاعر الإمام عبر الرسائل التي يكون الدويدار حَاملا لها، حين تَعهد إليه بالمهمّة. يتعرض الرهينة حيال تمرده إلى العقاب أكثر من مرّة.
كما تلاقيه الشريفة بإنكار تام له، وهو ما يتحول إلى إعجاب، سرعان ما يتحوّل إلى رغبة جامحة، وهو ما يجعلها تدافع عنه عند أخيها بعد اعتدائه على ابن الحاكم لحدِّ البكاء، حتى تصل إلى علاقة حسيِّة صريحة، وهو ما يزيد من أوجاعه، وحالة انشطاره بين مشاعر الحبّ والتمرّد، وبين الرغبة والحرية، وهو ما يتحقّق في نهاية الرواية، بانفلاته بعدما لاحت بوادر الثورة وتنامي الأنباء بمقتل الإمام.
زمنية الرواية تذهب إلى فترة الصِّراع 1948 ضدّ أسرة آل حميدالدين، فما أن دخل الإمام يحيى صنعاء حتى قضى على ملامح الحضارة والثقافة فيها، وأعاد البلاد إلى ما قبل الإنسانية، لكن الثورة انتهت بفراره إلى السعودية، وهناك مَارسَ الثورة المضادة، وعن هذه الفترة يقول الناقد أحمد الزراعي إن رواية الرهينة “تؤرخ من خلال أحداثها المباشرة والمعبرة بواقعية عن مجتمع يفتقد ملامح اكتماله لصياغة وعيه، حيث تبرهن تلك العلاقات الاجتماعية التي تدور في قصر النائب كفضاء روائي مغلق، على تناقضات تتفاعل، لتركيب صورة لتحولات قد تأتي احتماليا في نهاية المطاف”.
الرِّواية قصيرة الحجم، وبنيتها مُحكمة، تميل إلى السّرد الذاتي حيث غلبة الأنا، فالرَّاوي الأنا يغيب في مشاهد ذاتية عن واقعه قبل الاقتياد، وواقعه الجديد في قلعة القاهرة، وتسجيله كافة ما تراه عيناه خلف جدران قصر الحاكم ونوّابه، بعبارات موجزة تارة، ومحليّة تارة ثانية، تعتمد على تقنيات الصورة السينمائية (من مونتاج، وتقطيع، ووحدات قصيرة، وكادرات بصرية) في نقل المشاهد بين الداخل والخارج، مستفيدا أيضا من أسلوب تيار الوعي.
فتغلب على سرده المنولوجات التي تتجاوز فضاء الحبس والقيد إلى بيته وطفولته، وأيضا أحلام اليقظة التي تصله بالشريفة حفصة التي هَامَ بِها، كما أن فضاءاتها متعدّدة، ما بين الريف الذي جُلب منه البطل إلى المدينة وعالمها، ثمَّ عالم القصور وإن كان يغلب عليها فضاء القصور؛ قصر النائب وقلعة الرهائن، وقصر ولي العهد سيف الإسلام، وقصر الشريفة حفصة، كما يشكّل فضاء النافذة فضاء محوريّا فمنه يتأمل المدينة التي تخيم عليها «سحابة وباء صفراء»، ومنها يحلم بالحرية وهو يراقبُ أضواء النجوم الخافتة، ومنها يتحرّر مِن التوق الجَسدي للشريفه وهو يرسم بخياله صورة إيروسية لجسدها «مازال قدّها الفارع يتماثل أمام مخيلتي وهي تتلوى كأفعى سلسة الملمس».
اليمن التعيس
يعمد الراوي إلى انتقاد النظام الحاكم، وبيان سطوته عبر الوصف؛ فيصفُ أحوال المدينة أثناء خروجه مع صديقه الدويدار الحالي، فيقدِّم صورة مُنَاقِضَة لصورة القصر الذي يعيشون فيه، «فالوجوه شاحبه تعلوها مَسحة لون أصفر مَقيت وباهت، والبطون منفوخة ليس شبعا وإنما مرضا، والأقدام عارية لزجة بالجروح والأوساخ. جموع منهكة من المتسولين والمرضى والمجانين نصطدم بهم في كلِّ مُنعطف وفي كلّ زقاق وفي كلِّ سَاحة وَشارع»، على الجانب الآخر ثمّة صورة مناقضة تماما فالفقر وتردي الأحوال يجعلان من وصول سيارة ابن النائب حدثا يُحتفى به في الطرقات ويخرج له الناس.
تؤكِّد الرواية على مَعنى يَكتسب أهميته في ظلّ الأحداث الحالية التي يعيشها اليمن فيقول الراوي مؤكِّدا على حقيقة الشعب اليمني الذي يعوِّل على انتصارات إرادته ـ من قبل ـ على كافة العقبات التي حالت دون نهضة حقيقية لليمن هكذا «في سجل تاريخ شعبنا اليمني أنه قادرٌ على تنفيذ كلِّ رغبة تجتاح مشاعره وهو يُنفِّذُها بالفعل ولو بطريقة عشوائية، ربما يُقال إنها ليستْ مميّزة ولكنني أؤكِّد أنّها مميّزة فباستطاعته إنهاء الظالم ولو بصبر الجمال وحقدها!».
كما تمثّل صورة الفتى في نهاية الرِّواية وهو يَسعى نحو الحريّة رمزا دالا على الرغبة الجارفة للشعب للحرية، فهل يفعلها الآن مُنحّيا الخِلافات المذهبيّة والطائفية ليعودَ اليمن السَّعيد كما كان؟ أمّ أن المستقبل لا يحملُ إلا صورة الخوف التي تجسّدت للفتى/ الراوي وهو يجري هاربا وخلفه الأحجار «وتلقفتني ظلمات الجبال المطلة على الوادي المُوحِش المنحدر إلى المستقبل المجهول، وأنا أتوقع صوتها أو حجرا مقذوفا منها سيقع على ظهري».