خطاب الردة: حول حوار طيب تيزيني
الثورات التي عاشتها البلدان العربيّة في السنوات الأربع الأخيرة، من ضمن ما أطاحت به، فإنها أطاحت بتلك التعريفات النمطيّة والتقليديّة، خاصة منها اليساريّة، حول ماهية الثورة، المستندةً على المقولات اللينينيّة، تمثيلاً وليس حصراً “لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة أو حزب طليعي ثوري”. دون أن ننسى بأن هذه التعريفات اليساريّة التقليديّة، تحجج بها كل مناهضي هذه الثورات، ليس من اليساريين وحسب، بل وحتّى الذين كانوا ينبذون أو لا يهضمون الفكر اليساري، من قوميين وليبراليين!
ومهما كانت الثورات الأخيرة، أقرب إلى الفورات الاجتماعيّة الجماهيريّة غير المنتظمة، أو حتّى إلى الفوضى، منها إلى الحراك المنضبط المنظّم المتفاعل، أفقيّاً وعاموداً، في بنى المجتمع، فإنها، ولو بنسب متفاوتة، أنتجت قدراً من الصدمة أحدثت خضّة وهزّة عميقة، أفرزت بدورها أنساقاً عديدة من الخطابات المتوتّرة والموتورة أيضاً، لكنها لم تستطع حجب الخطاب التنويري-التغييري، الذي يحاول تجاوز تراكم الإرث السياسي، الاجتماعي، الثقافي، التربوي، والنفسي، المكتسب من الأنظمة الاستبداديّة الفاسدة والمفسدة. فضلاً عن فضح هذه الثورات، حقيقة الدوغمائيّة الدينيّة-السياسيّة، وتوحّشها، وأزالتها عنها مساحيق الكلام المنمّق وزيف ادعائها نبذها العنف، وخرافة تبنّيها الدولة المدنيّة الديمقراطيّة. كما أزالت عن هذه الحركات الدينيّة الإسلاميّة-السياسيّة سحر المعارضة وبريق المظلوميّة التي لطالما تحججت به، أثناء سعيها الوصول للحكم.
بتقديري، في هذا السياق، يمكن قراءة الحوار الذي أجرته مجلة “الجديد” مع المفكّر السوري الطيب تيزيني، والمنشور تحت عنوان “زمن الإنسان الوحش: العودة إلى ما قبل التاريخ”. وإذا كان العنوان، صادماً ولافتاً، ومعبّراً عن هذه الفوضى الدمويّة العمياء التي تطيح بالمنطقة، ولا تكتفي بتمزيق أنسجتها الاجتماعيّة وحسب، وبل تحفّز وتؤجج تراكم الغرائز القوميّة، الدينيّة، الطائفيّة، المناطقيّة، القبليّة، التي كانت مبيّتة، ولكنها لم تنمْ قط، وصولاً لإعادة الإنسان إلى زمن الغابة والتوحّش، وكأن هذه المنطقة، تعيش “خارج الزمان” الذي يعيشه العالم، فإن ما يحدث، يمكن وصفه بالردة عن القيم الإنسانيّة والغرق في قيم الغاية، وبل ربما أفظع من ذلك أيضاً. ولئن كان أوّل البناء، الهدّ، فغالباً ما تترافق الثورات مع الكثير من الاهتزازات والانهدامات في الأفكار والقيم والمبادئ، حيث ربما يهبط أو ينزلق الحال إلى الحرب الأهليّة العميقة أيضاً، وما تخلقه هذه الحروب من هياج وفوران العصبيّات وحلولها محلّ العقل وفكرة العيش المشترك. ذلك أن كل ثورة، ربما تكون مصحوبة بحرب أهليّة، ولكن ليس كل حرب أهليّة هي ثورة، مثلاً؛ الحرب الأهليّة في لبنان، والحرب الأهليّة في العراق بعد سقوط نظام صدّام حسين. فالشعب السوري حين انتفض سلميّاً على نظام الأسد، فقد ارتدّ عن وهم وخرافة الدولة الوطنيّة، أو “النظام الأمني” أو “الدولة الأمنيّة” بحسب تعبير تيزيني، قبل اندلاع الثورة، حيث استشرف مآل الحال السوريّة التي نعيشها الآن، في مقال له، منشور يوم 23/7/2007، بعنوان “المجتمع الأهلي في طريق الهيمنة”، حيث ذكر فيه “… النظم الأمنية العربية حصَّنتْ نفسها تحصيناً ‘قانونياً’، حين حافظت على ثنائية الاستثنائي الطارئ والأساسي الثابت في الوضعية القانونية. فحين أدخلت بلدانها في حالة الأحكام الاستثنائية وقانون الطوارئ فإنها لم تعلن أنها ألغت القانون الأساسي العام والثابت، ولكنها تُخضع هذه البلدان لما تقتضيه مصالحها المركّبة -أساساً- على تلك الحالة. نعم، أمام هذا الوضع ‘القانوني الاستثنائي والطارئ’ تنسدُّ أمام الناس أبواب المؤسسات الناظمة و’الموضوعة باسم القانون’، فما الذي يتبقى لهم؟ ها هنا وبحكم افتقادهم القوانين المدنية العامة، ينسابون بقوة نحو ‘مؤسساتهم الأهلية’، من الأسرة إلى الطائفة والمذهب والإثنية. وتبدأ عملية تفتيت البلد دون الإعلان عنها أولاً، وقبل التهديد باللجوء إليها من قبل النظام العولمي المؤمرك ثانياً. وحالئذ يغدو الحديث مركّزاً على السنة والعلويين والإسماعيليين والدروز، بل كذلك على الشافعية والحنبلية والوهابية.. إلخ ضمن السنيّين، وعلى الحدّادين والخياطين والمرشديين ضمن العلويين، وهكذا. وبذلك، فإن قطع الطريق على المجتمع الوطني المدني يؤسس للعودة إلى المجتمع الأهلي، ومعه لحروب طائفية مفتوحة”. (مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية – 23/10/2007 http://www.dctcrs.org/s2746.htm)
وبالتالي، إزاء هذا الكمّ الهائل من الخراب والأحقاد والضغائن والفتك والهتك السياسي والثقافي والنفسي والمعرفي، المتوارث عبر الأجيال، سرّاً، أتت لحظة الانفجار الاجتماعي السوري، لتعبّر عنه علناً، عبر ما تشهده سوريا الآن، لا مناص من الأمل في الارتقاء من هذا الحضيض الاجتماعي الأعمى والمسموم، نحو التماس الطريق المؤدّي إلى النهضة والتنوير والإصلاح والتغيير. ولا يمكن ذلك، إلاّ بعد الإطاحة بهذه النظم الاستبداديّة التي تشكّل انسداداً كثيفاً وصلباً أمام النمو والتنمية الحضاريّة على الصعد كافّة. لذا، تبدو حزمة الأفكار التي يطرحها تيزيني، في سياق قراءته للحدث الثوري-السوري، ضمن حواره مع “الجديد”، بالغة الأهميّة، لجهة تحريكها الكثير من الأسئلة الملّحة، أكثر من تقديمه الأجوبة القطعيّة.
الحدث الاجتماعي-السياسي-الثقافي المتفجّر في سوريا، فضح أو كشف عن كل الخزين المتراكم من الأحقاد والضغائن المتوارثة، والتي كان النظام يتستّر عليها، ويغذيّها
وتأكيداً لما ذكره تيزيني في حواره مع “الجديد” حول المقدّمات التي تضافرت كي تنتج “اللحظة التاريخيّة” التي أفضت إلى حدوث هذا الانفجار، وتبعاته التي ما زلت مستمرّة، وأن التمرّد لم يقطع مع تركة الاستبداد والفساد، بقوله “كان التراكم في مظاهر الاحتجاج على غياب الكرامة والعمل يقابله تعاظم في تراكم المزبلة، الذي ما اكتشفناه تحت مصطلح “قانون الاستبداد الرباعي” في المجتمعات العربيّة، أي الاستئثار بالسلطة والثروة وبالإعلام وبالمرجعية المجتمعية المتمثلة في أن الحزب الوحيد الحاكم يقود –مع قائده- الدولة والمجتمع، من هذا جاءت عملية التمرد على الواقع المعيشي أقل من أن تُحدث قطيعة مع الماضي المدجج بالمذلة والمهانة والإفقار والاغتراب، وأضعف من أن تواجه الحاضر بترسانته ذات الجذر المتمكن في قانون الاستبداد الرباعي ذاك“. ذلك أن من عاش في كنف هذا المناخ المسموم 40 أو 50 سنة، من الصعب عليه، إن لم يكن مستحيلاً، التبرّؤ من كل أمراض وعلل وميراث ومورّثات هذه المرحلة، في أربع أو خمس سنوات من الثورة. وبالتالي، برحيل الحاكم المستبدّ، لا يزول حكم الاستبداد. ذلك أن البراء والشفاء التام من كل الموروث الاستبدادي والإفسادي الذي اكتسبه المواطن، منذ نعومة أظافره، ولحين تسليمه للتراب، جثّة هامدة، يكون هذا المواطن، قد مرّ بصيرورات أو قنوات عديدة، أضافت كل واحدة منها، إلى تكوينه النفسي والمعرفي، جرعةً من الاستبداد والفساد والتشوّه، في سياق عملية التدجين والترويض والدغم والدمج الممنهج في الكثير من السياقات المستبدّة العامّة والمركَّبة، المشكّلة للسلطة المستبدّة، الضاغطة على سلوك وتفكير وخيال ونفسيّة الإنسان والمتحكّمة به، بغية تحويله إلى كائن مسخ، مطواع، عديم الإرادة، فاقد القدرة على التفكير السليم خارج السياقات المتوارثة الدينيّة منها والقوميّة والمناطقيّة والقبليّة. وعليه، البيئات الشرق أوسطيّة، السياسيّة منها والاجتماعيّة والثقافيّة، بلغت درجة من التسمم والعطالة والضلوع في إنتاج الاستبداد والفساد، ما يخوّلنا القول: إن الثورة ببعدها وعمقها الاجتماعي، السياسي، المعرفي، البنيوي العميق، ليست فعل ميكانيكي، أو تلقائي، يمكن التعامل معه وفق؛ فوريّة زوال الأسباب، ستفضي إلى بالضرورة، إلى زوال النتائج. فالتراكمات الكميّة من الاستبداد والفساد والإفساد، التي أفضت إلى ظهور تراكمات كيفيّة في الاستبداد والفساد والإفساد، ضمن أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع، على مدى عقود، يلزم إلغاؤها، تراكمات كميّة مناقضة؛ ديمقراطيّة، مدنيّة، مؤسساتيّة، حقوقيّة، دستوريّة، وطنيّة، تفضي إلى تراكمات كيفيّة – نوعيّة في الوعي والسلوك الديمقراطي الوطني لدى المواطن والمجتمع، على مستوى النخب أو العامّة، وقتذاك، يمكن إطلاق حكم قيمة على مجريات وتبعات التمرّد الاجتماعي – السياسي، الحاصل في المنطقة، “على الواقع المعيشي أقل من أن تُحدث قطيعة مع الماضي المدجج بالمذلة والمهانة والإفقار والاغتراب، وأضعف من أن تواجه الحاضر بترسانته ذات الجذر المتمكن في قانون الاستبداد الرباعي ذاك” أم لا؟ واللافت أن تيزيني، وبعد إطلاقه هذا الرأي-الحكم، يعود ليفكك ويحلل الواقع السوري، بمنتهى الدقّة والعمق والتفصيل. وتمثيلاً وليس حصراً يمكن إيراد قول تيزيني التالي “الحامل المجتمعي في الكيان السوري، قد أصابته اختراقات كبيرة وذات مفاعيل عميقة في البنية وشبه شاملة في الكيان السوري، وبيّنا أن ذلك أتى تحت تأثير “الدولة الأمنية” ذات الشعار الكاسح: يجب أن يُفسد ما لم يفسد بعد، حيث يصبح الجميع ملوثين ومدانين تحت الطلب، وينبغي الآن أن نضيف بأن مفعولها انبسط على كل الخريطة السورية أولاً، وأتى في العمق عبر زمن مديد طويل، يستمر منذ عام 1963، وهو العام الذي تأسس فيه قانون الطوارئ، أما ثانياً فقد امتد لمدة أطول من نصف قرن إذ تخربطت الخريطة الطبقية، وظهرت إلى السطح حالات جديدة مع كامل هذه الخريطة، وكان من نتائج ذلك كما أشرنا، تفكك القوى المجتمعية، عبر إضعاف كل عناصرها ومكوّناتها، فمات من مات من اليسار واليمين والوسط، مع بقاء هياكله الرثة، وظلت التوجهات والحركات الإسلامية تبحث عن أماكن لها، وقد توازى ذلك مع تصاعد الفساد والإفساد والإفقار، مع مظاهر أولية من البحث عن حلول خارج الخريطة السورية الوطنية، كالطائفية والتقسيمية على أساس المذهب الديني والأصول الإثنية والعرقية والقومية وغيرها“. ما يخلق انطباعاً، وكأنّه أعطى النتيجة أو أطلق الحكم، وفي ما بعد، بدأ بسرد المحددات والحيثيات والمعطيات والأسباب التي بموجبها توصّل إلى هذه النتيجة-الحكم؟
الحدث الاجتماعي-السياسي-الثقافي المتفجّر في سوريا، فضح أو كشف عن كل الخزين المتراكم من الأحقاد والضغائن المتوارثة، والتي كان النظام يتستّر عليها، ويغذيّها -كما أسلفنا- كي يطلقه ليوم كهذا، في إطار طرحه مفاضلته القاتلة على السوريين: إمّا أنا واستبدادي وفسادي وإفسادي؟ أو هذه الفوضى الدمويّة العمياء، والتي إحدى تجليّاتها “داعش” و”النصرة” وكل فصائل وكتائب التكفير المسلّحة. وما فاقم تلبّد المشهد أكثر، وزاد من عمر نظام الأسد الأب والابن، هي حالة الردّة التي عبّرت عن نفسها ثقافيّاً وسياسيّاً، في مطلع الثورة السوريّة. حيث شهدنا ردّة عن قيم الحداثة والتنوير والتغيير التي كان يزعم بعض المثقفين السوريين تبنّيها، (أدونيس نموذجاً)، والانزلاق نحو البطانة الطائفيّة والمناطقيّة، والمعاضدة الخفيّة لنظام الاستبداد والفساد، بنفس حجج وقيم الحداثة ومناهضة الظلاميّة والتكفير، بدلاً من الوقوف مع ثورة الشعب السوري، ضد فساد واستبداد نظام الأسد وإجرامه، وضد وحشيّة وظلاميّة الكتائب والتنظيمات الإسلاميّة، في الآن عينه. يُضاف إلى ذلك، “ردّة” الكثير من حركات اليسار العربي، في بلدان عربيّة عديدة، عن قيم التغيير الثوري، وليس جنوحها نحو التوجّه الإصلاحي المنفعي البراغماتي وحسب، بل والانخراط في مناصرة نظام الاستبداد والفساد، بحجّة مناهضة القوى الإسلاميّة الظلاميّة والتكفيريّة! وسنأتي على مناقشة هذه الردّات، في إطار مناقشة الأفكار التي طرحها تيزيني في حواره مع مجلة “الجديد”.
*****
مفهوم الردّة، صحيح أنه آتٍ من القاموس الديني، إلاّ أن الشيوعيين أيضاً استخدموه في وصف المنشقين عنهم ومنتقديهم، كما وصف ليبين الفيلسوف الألماني كارل كاوتسكي (1854-1938) بالمرتدّ، في كراسه؛ “الثورة البروليتاريّة والمرتدّ كاوتسكي”. نفس الوصف، المرتدّ أو المنحرف، أطلقه ستالين والستالينيون على ليون تروتسكي (1879-1940). وبالتالي، كل منشقّ عن الدوغما أو الطغمة السياسيّة-الأيديولوجية، امتلك مشروعاً أو أفكاراً نقديّة تجاه هذه الدوغما أو الطغمة التي كان ينتمي إليها، تم اعتباره مرتداً، منحرفاً، مناهضاً للحقيقة، ومشوّهاً لها، داعياً إلى الضلال، مثيراً للجهل والتضليل والبلبلة بين جموع الشعب، وخائناً للثورة وطريقها وسلطتها ودستورها. لائحة التهم هذه، يمكن اختصارها بالتخوين. ويوازيها في العرف والتقليد الإسلامي-السياسي، مفهوم التكفير. والعقوبة في كلتا الحالتين، هي إقامة الحد، والتصفية المعنويّة أو الجسديّة.
مفهوم الردّة، صحيح أنه آتٍ من القاموس الديني، إلاّ أن الشيوعيين أيضاً استخدموه في وصف المنشقين عنهم ومنتقديهم، كما وصف ليبين الفيلسوف الألماني كارل كاوتسكي (1854-1938) بالمرتدّ، في كراسه؛ “الثورة البروليتاريّة والمرتدّ كاوتسكي”
ومع انطلاق الثورة السوريّة منتصف مارس 2011، واتساع رقعة المظاهرات، والتفاعل الإقليمي والدولي معها، قفز الكثيرون ممن كانوا في سفينة النظام، بشكل مباشر أو بغيره، إلى سفينة الثورة، ليس درءاً بالنفس من تبعات سقوط النظام، بل من باب إعادة التموضع في السلطة القادمة، وضمن الفريق الجديد الذي سيأتي إليها. كذلك الحال، نحا الكثير ممن ركبوا موجة المعارضة، أو لمّا يزالوا يركبونها، مع طول عمر النظام، وتزايد نسبة احتمال بقائه، نحا هؤلاء منحى معاكساً لقيم ومبادئ وأخلاق ثورة الحرية والكرامة، وصاروا يشككون فيها، حيناً ويطعنون فيها أحياناً أخرى، في ما ينطبق عليه وصف “الردّة” عن الثورة السوريّة.
كذلك الحال، لدى الكثير من المنخرطين في الثورة، ممن كانوا أصحاب أفكار ورؤى ليبراليّة، علمانيّة، ديمقراطيّة، خاصّة المحسوبين على الوسط أو الحقل الثقافي، رأيناهم كيف “ارتدوا” عن الأفكار والمشاريع المدنيّة-العلمانيّة التي كانوا يتبنونها، ويطرحونها، ويروّجون لها، قبل الثورة، وفي مطلعها، وصاروا يلتمسون الأعذار والمبررات والمسوّغات للخطاب الديني المتطرّف، ببعديه القومي والطائفي.
على الطرف المقابل، حالة الارتداد عن قيم وأخلاق ومبادئ الثورة، سالفة الذكر، خلقت وحفّزت وعززت، مثيلاتها في الحقل الثقافي-السياسي لدى باقي مكوّنات الشعب السوري، لنشهد حالة من الارتداد عن كل ما هو وطني، ثوري، جامع -غذّته ثورة الحريّة والكرامة- نحو كل ما هو قومي، إثني، مناطقي، في سياق حالة من التشنّج والاستقطاب والتجاذب المسموم.
الخطاب الشبابي
ولا يرى تيزيني أن ما طرحه الخطاب الشبابي في البدايات ينتمي “إلى منظمة الخطاب المسيّس، الذي أطلقته أجيال أخرى سابقة تنتمي إلى الماركسية الطبقية والقومية العربية والثالثة الناصرية والوطنية السورية غداة الاستقلال السوري عن فرنسا المستعمرة. نعم، لم يكن الخطاب الشبابي في البدء ناضجاً، بالاعتبار الإصلاحي الوطني، ولكنه كان حذراً وأحياناً قلقاً، وهو الآن يحقق نمواً مترافقاً مع الانتصارات والانكسارات“. لكن، لا يوجد خطاب شبابي كامل النضوج والاتساق والتوازن، خاصّة في مراحل القلاقل والتوتّر والتحوّلات الثوريّة الاجتماعيّة، المصحوبة بردود أفعال دمويّة من السلطة الحاكمة. بخاصّة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم التلف السياسي، الاقتصادي، الثقافي، المعرفي والنفسي الذي أحدثه النظام، على مدى عقود في وعي وسلوك الشباب عبر مناهج التربية والتعليم والإعلام وكل حقول الفضاء الاجتماعي العام. علماً أن الشباب السوري، بمختلف مكوّناته، أسس لخطاب وطني، في مطلع الثورة، حاول تجاوز التركة الثقيلة وشديدة الوطأة التي خلّفها النظام الأمني في بنى المجتمع السوري. وكان له شرف المحاولة التي تقدّمت على محاولات القوى السياسيّة المعارضة. هذه القوى، وبالتعاضد الخفي أو غير المباشر والموضوعي مع النظام، ساهمت في تشويه هذا الخطاب وتلويثه وعرقلة نضوجه، لئلا يخلق حالة معارضة وطنيّة حيويّة نشطة، متجاوزة للمعارضة التقليديّة الملوّثة بالعصبيات الأيديولوجية الدينيّة والقوميّة والطبقيّة، وأنفاقها وزواريبها ودكاكينها المتهالكة. لكن، وتحت ضغط النظام ووحشيّته، الذي أفضى إلى عسكرة الثورة، بالتوازي مع ارتفاع منسوب الأسلمة والأخونة، رويداً بدأ يشهد الخطاب الشبابي “ردّة” عن الحال الوطنيّة الجامعة، والانقسام العمودي والأفقي على نفسه، والانزلاق أكثر نحو التخندقات الدينيّة والطائفيّة والقوميّة والعرقيّة. وهنا، تبدو ملاحظة تيزيني وتقييمه، بحاجة إلى المزيد من النقاش والمراجعة، لجهة معرفة مدى نسبة الصواب فيها، بقوله “ثمة ملاحظة تتمثل في أن ما يقال عن تورط الخطاب الشبابي الراهن في إعادة إنتاج أفكار الأجيال السابقة بدلاً من إنتاج خطاب شبابي معاصر، أمر قد لا يصح إلا جزئياً، فثمة حراك جديد يتبين في عمق الأحداث السورية، ليبعُد عما يمكن أن ننظر إليه بمثابته جهوداً غير متسقة تماماً، ولكن جدية باتجاه إنتاج خطاب شبابي جديد، يظلّ مع ذلك متواطئاً مع الخطاب السابق عليه“.
ومن ضمن الأسئلة التي طرحتها مجلة “الجديد” على تيزيني، السؤال التالي “انهيار فكرة القومية العربية جعل خيار التقسيم أكثر تداولا بين المشاركين في الأفعال الثورية حاليا، وخصوصا أن الأنظمة القمعية ساهمت في تفتيت الصيغة المتماسكة للدول العربيّة إلى جانب التدخلات الخارجية، فبدأت أفكار الانتماء بالانهيار بسبب دعم طرف على حساب آخر، هل يمكن أن نشهد نشوء دول جديدة في المنطقة (كحالة جنوب السودان)؟ وهل هذه الدويلات (أو الفيدراليات) من الممكن لها أن تقدم صيغا أكثر نجاحاً من التجارب السابقة؟ أم أنها ستغرق في الحروب والصراعات المذهبية والتسليح؟ أعتقد أنه ثمّة فكرة واردة في مقدّمة السؤال، هي أيضاً،، بحاجة إلى نقاش، لجهة افتقادها الأسانيد. فـ”الصيغة المتماسكة للدول العربيّة” التي “ساهمت الأنظمة القمعيّة في تفتيتها، إلى جانب التدخّلات الخارجيّة“. هذه الفكرة، بحاجة إلى المزيد من التمحيص والتدقيق. ذلك أن صيغة الدول العربيّة، لم تكن متماسكة أبداً، بل قلقة ومرتبكة، ووليدة حالات طارئة، وتشكّلت هذه الصيغ للدول العربيّة، بفعل التأثير والتدخّل الخارجي، سواء عبر استعانة العرب بالإنكليز في الانتفاضة على العثمانيين سنة 1916، وما تلا ذلك من اتفاقيّة “سايكس-بيكو”، ومفرزات هذه الاتفاقيّة وتكريسها لحالة التقسيم، وأخذها صيغ الدولة في سوريا، العراق، لبنان، الأردن، فلسطين، ناهيكم عن دول الخليج وشمال أفريقيا. وعليه، لم تكن تمتلك هذه الدول أيّ صيغة متماسكة، معطوفاً عليها، إسهامات النظم الاستبداديّة الحاكمة في تفتيت هذه الدول.
مع القليل من الاختلاف حول ما طرحه تيزيني في حواره مع “الجديد”، لا خلاف أن الثورة السورية تعاني من أزمة حقيقيّة وجديّة، سعى تيزيني نحو تفكيك بعض حيثياتها المركّبة
بينما ما يطرحه تيزيني في إجابته على السؤال المذكور آنفاً، هذه الإجابة، بحاجة إلى المزيد من النقاش. حيث يقول “إن القول بانهيار فكرة القومية العربية لعله غير دقيق، فما حدث ربما مثّل حالة مفتوحة من التفكك، الذي أنتج مثل ذلك القول، وإنما نفضل القول بأن ثمة هزة عميقة أتت على الفكرة المذكورة وعلى العوامل المجتمعية التي تمثل حاضنة أو حاضنات لها“. ذلك أن انهيار فكرة المشروع السياسي الدولتي للقوميّة العربية، سبق الثورات الأخيرة بعقود، عبر انهيار دولة “الوحدة القسريّة” أو “الوحدة الارتجاليّة” بين مصر وسوريا سنة 1961، ودخول جناحي المشروع القومي العربي، البعثي والناصري في صراع، أيديولوجي، سياسي، وعسكري أيضاً. ثم دخول حزب البعث في نفق الصراع الداخلي، سنة 1966 و1970، وحرب اليمن، التي كانت في الأصل صراعاً بين مصر والسعوديّة، بالإضافة إلى صراعات وخلافات الدول المغاربية (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا)، والتورّط السوري في الحرب الأهليّة اللبنانيّة، وما نتج عنه، في ما بعد، من احتلال نظام الأسد لهذا البلد، ودخول النظام الناصري-الساداتي في صلح مع إسرائيل منفرداً. وغزو العراق للكويت…الخ، كل ذلك، وغيرها من المعطيات والأحداث التي تشير إلى أن صيغة الدول العربيّة لم تكن متماسكة. وإذا كان هنالك ثمّة استثناء لهذه القاعدة، فهي التجربة الإماراتيّة وحسب.
أمّا عن قول تيزيني “حقاً نحن نلاحظ اتجاهات هنا وهناك ليست بعيدة عن فكرة تقسيم سوريا، لكن دعاتها يدركون -على الأقل براغماتياً ومن ثمة حفاظاً على مصالحهم- أن تكوين دويلات سوريّة منفصلة إنما هو أمر غير قابل فعلياً للتطبيق وغير مقبول دولياً كذلك، ناهيك عن أن هذا يعني انهيار الاقتصادات الجزئية وذات الوجه الواحد الذي قد تقود إذا ما نشأت إلى كوارث اقتصادية واجتماعية، ويبقى العائق الأخير المتمثل في المجموعات والطوائف التي يُراد لها أن تنفصل عن سوريا –ربما عدا الأكراد- لكنها ترفض ذلك بمخزونها الوطني السوري والقومي العربي“. فبصرف النظر عن حالات تشكّل الدول في العالم، التي أفرزتها فترات الحروب والقلاقل الدوليّة، كالحربين العالميتين، وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وانهيار جدار برلين، الذي وحّد بين دولتين (ألمانيا الشرقيّة والغربيّة) لكنها أفرزت تشكل دول جديدة، أضيفت إلى الأسرة الدوليّة والأمم المتحدة، خاصة بعد حرب يوغوسلافيا. فإن استبعاد تقسيم سوريا بالمطلق، ليس حكماً منسجماً مع المفاجآت الكبرى التي شهدها العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وبالتالي، يبقى الأمر وارداً ليس فقط على مستوى احتمال تدخّل الإرادات الخارجيّة، الهادفة إلى تقسيم سوريا وحسب، بل استناد هذه الإرادات الخارجيّة الإقليمية منها والدوليّة، على أرضية داخليّة، اجتماعيّة-سياسيّة، ربما تكون هشّة الآن، لكن لديها فرص كي تتغذّى وتتعزز نتيجة تفاقم الحال السوريّة، واتساق رقعة التمزّق الاجتماعي، القومي، الديني، الطائفي والمذهبي، مع ازدياد منسوب الارتداد إلى الهويّات القوميّة والدينيّة والطائفيّة والمناطقيّة، وحالة الاستقطاب والجذب العنيفة التي ربما يخلقها هذا الارتداد. دون أن ننسى أن الحال الوطنيّة السوريّة، لا تمتلك ذلك التراكم والإرث والزخم السياسي والمؤسساتي المنتج للوعي والسلوك الوطني المتجاوز للهويّات المناطقيّة، عبر حضور دولة المواطنة والقانون والمؤسسات. ذلك أن سوريا ومنذ استقلالها، لم تعش حياة وطنيّة أو شبه وطنيّة، سياسيّاً ومؤسساتيّاً على صعيد الدولة والمجتمع، إلاّ لبضع سنوات، في حقبة الخمسينات. وهذا الرصيد جد المتواضع من السلوك والنشاط والحراك السياسي المؤسساتي الوطني، تم إتلافه بالوحدة القسريّة والارتجاليّة مع مصر، ثم أتت حكومة الانفصال البعثيّة لتوجّه إليه ضربة قاسية، ثم ليأتي حزب البعث ليجهز على المتبقّي من هذا الإرث الوطني، بانقلابه على الدولة والمجتمع السوريين في 8/3/1963، ودخول سوريا في هذا النفق الدموي والأسود، الذي لم تخرج منه حتّى الآن. من دون أن ننسى بأننا على مرمى حجر من الذكرية المئويّة لاتفاقيّة “سايكس-بيكو” التي كانت من ثمارها ولادة دولة سورية، بحدودها السياسيّة والجغرافيّة الحاليّة.
أمّا استثناء تيزيني للأكراد، عن الحالة الوطنيّة النابذة والطاردة للتقسيم والانفصال، ضمن مكوّنات الشعب السوري، وقوله “يبقى العائق الأخير المتمثل في المجموعات والطوائف التي يُراد لها أن تنفصل عن سوريا –ربما عدا الأكراد- لكنها ترفض ذلك بمخزونها الوطني السوري والقومي العربي ، هذا الرأي أيضاً، يقف بالضد من معطيات التاريخ الحديث لسوريا. فمنذ تشكّل الكيان السوري، بيد الاستعمار الفرنسي-البريطاني للشرق الأوسط، والكرد السوريون يحاولون أن يقنعوا الشريك العربي (الأغلبيّة) بأنهم ليسوا انفصاليين، ويريدون العيش معه في وطن واحد. وحين طرح الفرنسيون تشكيل دوليّات خاصّة على مكوّنات الشعب السوري، رفضها الكرد، وقبل بها الشريك العربي، فتشكّلت دولة حلب (1920-1925)، دولة دمشق (1923-1925) دولة جبل الدروز (1921-1936) دولة العلويين (1925-1936)، وكان لكل دويلة رئيس وعلم خاص بها. وحين أراد الفرنسيون دمج هذه الدويلات، أيضاً وافق أصحابها على ذلك! وإذا لم تكن “وحدة الدويلات السوريّة” رغبة ومشيئة فرنسيّة، لما سعى السوريون إلى التوحّد، ولبقيت تلك الدويلات باقية وقائمة حتى الآن!
وإذا كان صحيحاً، ما يطرحه تيزيني بقوله “فكرة التقسيم السوري غير مقبولة من أكثرية الطوائف والأقليات، لأن الجغرافية السورية والأخرى المحيطة أي الإقليمية، لا تمثل بديلاً إيجابياً محتملاً، وإذا كانت النظم الاستبدادية قد أحدثت شروخاً وانهيارات قد تؤدي إلى إجماع في الرأي بين مجموعات انفصالية على شيء من التقسيم، إلا أن الجمهور السوري الواسع لا يحمل هذه الرغبات والميول على الأقل من موقع رفض الاستفراد به طائفياً ومذهبياً وغيره“، فإن استثناء الكرد السوريين عن حالة الرفض هذه، عدا عن الظلم الكامن فيه، فهو استمرارٌ في تكرار إسطوانة الانفصالي التي لطالما كررها النظام وآلته الإعلاميّة، والأمنية والسياسيّة بحق الكرد السوريين.
الحقّ، أن ردّة هذه النخب، بدأت بمهادنة بيئاتها المسمومة، ثم انقادت إليها، بدلاً من إكمال المشروع التنويري في تنقيتها من موروث الفساد والاستبداد الذي ضخّه النظام الحاكم
ومع القليل من الاختلاف حول ما طرحه تيزيني في حواره مع “الجديد”، لا خلاف أن الثورة السورية تعاني من أزمة حقيقيّة وجديّة، سعى تيزيني نحو تفكيك بعض حيثياتها المركّبة، وتعقيداتها الشائكة، وتوصّل إلى خلاصات، نسبة الاتفاق معه فيها، هي أكبر من نسبة الاختلاف. وما بات يكتسب درجة الوثوق لديّ، أن ثمّة حالة من “الردّة” انجرف إليها الكثير من المثقفين السوريين، كرداً وعرباً، مسحيين ومسلمين، الذين من المفترض بهم أنهم أصحاب أفكار تنويريّة أو يمتلكون قدراً من النزوع نحو التحرر من الركام ذهنية وتقاليد الاستبداد، باتوا مواربين، أو منحازين إلى بيئاتهم القوميّة-الدينيّة-الطائفيّة، خشية إثارة هذه البيئات، وكسب عداوتها وتخوينها لهم. لذا، انزلق أو ارتدّ هذا الخطاب، نحو الداخل، متماهياً مع شعبويّة مفرطة، ترتدي لبوس النخبة المنقادة لـ”إرادة الشعب”، وهي في الأصل، انقياد لأهواء وغرائز جموع الشعب، بصرف النظر عن طبيعة هذه الجموع، معقلنة أم من دهماء وغوغاء التحزّب والسياسات المؤدجلة.
والحقّ، أن ردّة هذه النخب، بدأت بمهادنة بيئاتها المسمومة، ثم انقادت إليها، بدلاً من إكمال المشروع التنويري في تنقيتها من موروث الفساد والاستبداد الذي ضخّه النظام الحاكم، بكل ما يمتلك من دوغمائيّات تاريخيّة متوارثة، دينيّة وطائفيّة ومذهبيّة وقوميّة.
فاليساري المتطرّف الذي جنح للاعتدال، وصار يقبل الحوار والتواصل والتشارك مع البرجوازي، القومي أو الديني، فقد اعتداله ذاك، بأن ارتدّ إلى تطرّفه، أو ارتدّ عن يساريّته وليبراليّة، واندغم في السياق الإسلامي السياسي المتطرّف.
والقومي، العربي والكردي، الذي جنح إلى الاعتدال، وصار يدافع عن حقوق شريكه، ويناصر قضاياه، ارتد عن ليبراليته وعاد إلى أصله الأيديولوجي القومي، لدرجة التطرّف والتصادم مع الشريك، ومصادرة حقه في الوجود، والتعبير عن هويّته بحريّة وطلاقة، دون تقليل أو تقصير أو تهديد أو ترهيب أو وعيد.
والإسلامي المتزمّت، الذي جنح نحو الاعتدال، وصار يقبل بالديمقراطية والدولة المدنيّة، ويقبل النقاش حول العلمانيّة أو يتحفّظ عليها، هو أيضا ارتدّ عن هذا الاعتدال، وصار ضالعاً في مفاقمة الاستبداد الفكري، ذي المنحي الديني والطائفي، إلى درجة الغلو والتوحّش، الذي أنتج “داعش” و”النصرة” وما وافقهما أو لف لفيفهما.
وكشف حجم الردّة هذه، كميّة الزعم والادعاء في تبني قيم الاعتدال والليبراليّة والتشاركيّة الوطنيّة، إلى جانب فضحها مدى هشاشة الوعي الوطني، ورخاوة الإيمان بقيم الاعتدال والمواطنة الحرّة والحقّة، والنظر إلى الشريك المختلف، نظرة شكّ وارتياب وقلق وخوف، باعتباره مشروع “عدو” أو “انفصالي” أو “متواطئ”…، ينبغي مسايرته، والتحوّط والاحتراز منه!
اليساريون المطالبون بالتغيير، تخندقوا مع النظم الاستبدادية التي عارضوها، بحجة أن الآتي أعظم، وبحجّة أن الإسلاميين سيكونون البديل. وعليه، تحوّل اليساريون إلى يمنيين، محافظين، مناهضين للتغيير، الذي سيأتي بالخصوم الأيديولوجيين للسلطة.
والقوميون العلمانيون، ونتيجة موقف العلمانيين اليساريين المناهض للثورة، هم أيضاً انزلقوا نحو التطرّف الديني، بوصفه الرافعة الاستراتيجيّة للثورة على النظم الاستبداديّة. وصاروا يمنيين أكثر من السابق. بمعنى، تداخلت المفاهيم وانزلقت عن معانيها التقليديّة المتعارف عليها.
أيّاً يكن من أمر، فإن ما تعيشه سوريا الآن، هي حالة طارئة وعارضة، ستزول، مهما طالت سنوات الخراب والحرب والدم و”الهوس الأيديولوجي” حسب تعبير تيزيني. وربما ينطبق القول الشعبي الدارج على ما يجري في سوريا، والذي يفيد أنه "لن تعمر إلاّ بعد خراب".