زفرتي الأخيرة
محنة
أنْحَدِرُ من طيور الكَنَاري
وَرِثْتُ عنها رِقَة العِظام،
رِفْعَةَ النَسَبِ
وحَنَانَا مُفرَطًا.
بيولوجيا أنا مَلِكٌ نادِرٌ
لكنَّ زمن الملوك انتهى
واسْتَبَدَ الرُعاع.
ولهذا تَتَلَخَّصُ حياتي كلُّها
في اختبار شعور أبناء نيكولاي الثاني
ولويس السادس عشر
لَحظةَ انكسار التَّاج
وذهاب العرش.
ورُغم محنتي هذه
وحَناني المُفرَط
إلّا أنَّ أبناء جنسي
من طيورٍ وشُعَراء
يُهيلونَ عليَّ نظرات الحقد والضغينة
فقط لأنَّ صوتي
نادِرٌ
و فريد.
ملك يحتضر
أُؤَدِّي دَوْرَ المَلِك المريض
في مسرحيةٍ سوداء.
شَعْبِي غاضب،
جَيْشِي بَعيد
وزوجتي دَسَّت لِيَّ السُّمَّ في الكأس.
ضوءُ شمعةٍ بجانبي يَرتَجِفُ
مِنْ صوتِ الكمان الذي يأتي
من وراء السِّتار.
ما يُشْبِهُ الشَّفَقَ
يَنْبَعِثُ من جهة اليمين.
ومَنْ كانوا مَعِي صاروا عَليّ.
مَطْلوبٌ مِنِّي
أَنْ أَحْتَضِرَ في افتتاح العَرْض،
أَنْ أُبَلِّلَ ثوبي الشَفِيفَ بالعَرَق
وصِدْغَيَّ بالدموع.
وأَنْ أَسْتَعِيرَ حُنجرة الغَزال الذَبيح
مِنْ أَجْل زَفْرَتِي الأخيرة.
ثم يدي
تسقط من يَدِ الطَبيب.
ورُغْمَ أَنَّ ظُهُوري
لا يَرْبُو عن دقيقة في المشهد الأول،
تارِكًا للأبطال ساعتينِ ونِصْفًا
كَيْ يَتَفَوَّقوا عَليّ.
إلا أنَّنَا بَعد انتهاء العَرض
واقِفِينَ أمام التَصْفِيق جَنْبا إلى جنب.
حُضُوري الخَفيف
مَنَحَنِي لَمَعان الفضّة
في كومة الفَحْم.
بناية
أُفكرُ في يَدِيْكِ الصغيرتين
ماذا تفعلان في هذا الليل.
تُمسكان كوب شاي دافئ،
تَفتحان الخزانة
أو ربما تغلقانها.
تُخربِشان أُذُنيك قبل النوم،
تضعان الأقراط على المنضدة.
مِنَ الممكن أيضا مِنْ فَرْطِ الوحدة والملل
أَنَّهُما تُقَلِّدانِ
جَنَاحَيْ بَجَعَة تائهة.
أَطردُ احتمال مَسْحِ الدموع
رغم أَنَّهُ
الأكثر حدوثا.
هكذا
طيلة الوقت
أشطب الاحتمال بعد الاحتمال
كأنَّني
بناية من خمسين طابقا
آخرَ الليل
تَنْطَفِئ أنوارها
الواحد تلو الآخر.