سماءٌ لا تمدح الأَسلاف
على حافة الرجس
فِي سَاعَاتِ الضُّحى
تُباغِتُك رَائحَة الأجْسَاد اللاَّهِبة.
آنذاك، تَرسُمُ شَمساً مَسْعُورة
فَوقَ سَمَاء الكِتَابَة.
بِكَلاَمٍ مُدبَّب يَرتعِشُ فَوقَ لِسَانك،
وعَرَقٌ نَاعِمٌ يَتَصَبّبُ عَلَى وَجْهك
تَجْلِسُ عَلى عَتَبة البَحْر، وَسَاقُك
الهَزِيلَة تَتَمدَّدُ عَلى حَافَّة الرِّجْس.
مَا إن تَهْبط الظُّلمة، حَتّى تَفُوح
رَائِحةٌ مُشبَعة باليُود، ودَم
قَرويٍّ يَتَوهَّجُ فِي الغُرفَة.
أَيُّها الوَحشُ: سَتَنَامُ الغِوَاية
مَعَك اللَّيْلة، وتَخْفِقُ سُلاَلَة
مَشْبُوهةٌ فِي ظَهْرك.
لَمْ يَسْبِق لِهَذَا اللَّيْل
أن تَبَادلَ إِطْلاقَ النَّارِ مَعَ الرَّغْبَة.
ثَمّة أَغَانٍ في رَأْسِك تَدْعُو لِلشكّ،
أَغَانٍ سَيِّئَةُ السُّمْعَة،
أَغَانٍ لاَ تَبْتَكِر اسْتعَارةً،
أو فُحُولَةً بَاسِلة.
الظهيرة
أوتْ الظَّهِيرَةُ إِلى الظلّ
مَا مِنْ شَكٍّ في أنَّها كَانَتْ تَرْتَجِف،
مُتشَبِّثَة بِميراثِها الغَائِب،
بِما تَنَاثَر مِنْ نِيرَانِها المُرْهقة.
وَحْدَهَا كَانَتْ تُبْصِر المَسَافة
بَيْنَك وبَيْن شَرَاسَةِ الانْتِظار
فِيمَا تَسْتُرُ عَوْرَتَها بأصَابِعِها المَنْسِيَّة،
بِالأبْوابِ المَفْتُوحَة للرَّذِيلَة.
كَانَتْ تَمْضِي جِهَة الحَنِين
بِخُطُوَاتٍ مُرْتَبِكَة
لَمْ يُكَلِّفْ أَحدٌ نَفْسَه عَنَاء الكَلَام
حِينَ احْتَكَمتْ إِلى اللَّهْفَة
وأَسرَّتْ حَدِيثا أَشْبَه بالفَحِيح
حَدِيثًا كَانَ يَحْشُدُ حُمْرَتَه،
حَدِيثا يَفِيضُ بِالفَاقَة وَالأَجْنِحة الرَّخْوة،
حَدِيثا مَهْدُورَ الدَّم، مُذ كَانَت الشَّمْسُ
تَحْزِم أَمْتِعتهَا وتَسْتَعِدُّ للسَّفَر.
في غفلة من العائلة
بكُلِّ ما ادّخرَتْهُ مِن سُخْطٍ
تَعْوِي الكَلِمَات في الثُّلث الأوَّل من اللَّيْل
كَلِمات، أيْقَظَتْك بَاكراً في غَفْلةٍ من العَائِلة
نبَّهتْكَ على الألَم الأَلِيف
ألمٌ يَحْتَفي بالبُكَاء
ألمٌ عاهرٌ يتوضَّأ بالخَسَارة
ألمٌ مثلُكَ، مُصَاب بالهَذَيان المُزْمن
مع أنّ هُناك سَمَاء تَسْتدرجُ الشَّمْس للفِتْنة
سَماءٌ تَحْتَضِنُ مخاضَ
الهَواء، وهو يَصْرُخ من الوَجَع
سَماءٌ لا تَمْدَحُ الأسْلاَف
سَماءٌ لا تُزَوِّرُ أغاني البِلاَد
في غُرَفٍ مُضَاءةٍ بالنَّمِيمة والكَهْربَاء.
الآن
لمْ يَعُدْ لَكَ غيرُ هَذِي السَّمَاء.
أوزار
اكْتُبْ وصيِّتَك الآن
قِيلَ إنّ الرِّثَاءَ يَقْتَفِي شَجَر العُمُر
والأرْضُ تَتَبَاعَدُ شَيْئًا فشَيْئا
تصْطَفِي الوَجَعَ الطَّائِشَ
وجَعٌ دونَ نافِذَةٍ وبَاب.
قِيلَ إنَّ الظَّهِيرَةَ لا تَعْرِفُ
كَيْفَ تتدبَّرُ أشْيَاءهَا، وَتَنَامُ علَى
خيْطٍ واهٍ بيْن السيَّافِ والضَحِيَّة.
غَادرَتْك (دُون سببٍ منْطِقِيّ)
الفَتَاةُ التِي تُشْبِه الشَّجَن الفُجَائِيّ
تُشْبِهُ العَواصِفَ المُؤجَّلَة
والمَمْشَى المُظْلِم في الدُّرُوب السَّافِلة.
اللَّوْعَاتُ التِي تَسَاقطَتْ منْ قَمِيصِك
تَطُوفُ بمِصْبَاحِك، الشُّرُفَاتُ العَالِيَةُ للبُيوت
اللَّوْعَاتُ المَذْبُوحَةُ مع سبْق الإصْرَار
لمْ تَزَلْ تَجُرُّ جُثَثَها، وتُرَمِّمُ الأَوْزَار
الآيِلَة للسُّقُوط،
الأَوْزَارُ التِي لمْ تَكُن تَشْعُر
بالرَّاحَة وهْيَ تَسْهَرُ على مَدْخَل
البِنَايَات، مَع مَا يُثِيرُهُ ذلكَ
من مَشَاعِرَ إنْسَانِيّة.
أيُّهَا اللَّيْلُ الطَيِّبُ:
شُقّ طَرِيقَكَ وَسطَ الكَلِماتِ بِجَسَارَة
لا تَغْفِر لمُغْتصِبِيك خِيَانَاتِهِم العَرِيقة
قِفْ عَلاَنِيَة مثْل قَافِلَةٍ تَمْتَهِن
السَّلْب، وتَصْدَعُ بالسَيّئاتِ،
كَسَريرٍ وحيدٍ قُرْب طاوِلَةٍ شَاذَّة
كَحَمَاسَةٍ فلاح يُبدّدُ عُمْرَه حَارِسا
إلى جَانِبِ الحَقْل.
اكتُبْ وصِيَّتَك، حتّى لا تَنْبَح عَلَيْك
كِلاَبُ المَدِينَةِ المَسْعُورَة.