أطياف الوردة
الوَرْدَةُ الَّتِي انتُزِعَتْ وُرَيْقَاتُهَا واحِدَةً واحِدَةً
ثَبُثُّ الحَنِينَ إلى أجْزَائِهَا وَجَعاً مِنْ حَنِينْ.
الوَرْدَةُ الْمَوجُوعَةُ،
الْمَنْزُوعَةُ الْوُرَيقَاتِ،
تُغَطِّي وَجَعَهَا بِعُرْيٍّ يَسَّاقطُ نَزَيفَ أشْوَاكٍ تَخِزُ الرُّوحْ.
الوَرْدَةُ النَّافثةُ وجَعَ الْحَنِينِ حَنِيناً يَلْسَعُ الرُّوحَ،
تَطْلُعُ من صُرَاخٍ يَمُوجُ في مَدَائِنِ العَتْمَةِ،
وتَضْفُرُ وُرَيْقَاتِهَا عُنْقُودَاً مِنْ رَحِيقٍ بَارِدٍ
يُشْعِلُ لَهِيْبَ قُبْلةٍ قَدِيمَةٍ
بِلا شِفَاهْ.
الوَرْدَةُ الطَّالِعَةُ من صُرَاخٍ يَتَكَسَّرُ صَاهِلاً خَلْفَ زُجَاجٍ أَسْوَدَ،
تُضوِّعُ أَرِيْجَهَا في أرْجَائِيَ
شَآبِيبَ لَهْفَةٍ،
وارْتِعَاشَةَ شَوقٍ،
وقَطْرَ غَيثٍ،
ومَاءَ حَيَا!
الوَرْدَةُ الْمُضَوِّعَةُ الأَرِيْجَ،
الْمَغْسُولةُ بمَاءِ الحَيَا وقَطْرِ الغيثِ،
وَبِهِيَاجٍ يَطْفَحُ مِنْ تَلامُسِ الأجِنَّةِ عِنْدَ حَافَّة الْحَلقِ،
تَسْتَلْهِمُ ذاكرةَ الشِّفاهِ،
وتَطْبَعُ على سُرَرِ خَلايَايَ خَرائِطَ الجُنُونْ.
الوَرْدَةُ الطَّابِعَةُ خَرائِطَ الجُنُونِ على سُرَرِ خَلايَايَ
تُلامِسُ بِشْرَتِيْ،
فَتَفْتَحُ قَلْبِيْ،
فَتَنْبِضُ في رُوحِيْ،
فَتُلامِسُ جُنُونيْ.
الوَرْدَةُ النَّابِضُةُ في رُوحِيْ،
الْمُلامِسَةُ بِشْرَتِي وجُنُونِيْ،
تُوقِظُ غَفْلَتِيْ،
وتَفْتَحُ أحْلامَ يَقَظَتي على اخْتِلاجٍ أَخِيرْ.
الوَرْدَةُ الفَاتِحَةُ أحْلامَ يَقَظَتي على تَحَقُّقٍ مُسْتَحِيلٍ،
تُغْلِقُ أبْوَابَ نِعْمَتِهَا عَلَيَّ،
وتُسْكِنُ أطيافَهَا رُؤْيَتِي وخُطَايْ.
الوَرْدَةُ السَّاكِنَةُ أطْيَافُهَا رُؤْيَتِي وخُطَايَ،
تُضَوِّعُ أَرِيجَهَا في أَرْجَائيَ لَهِيباً من تَوَقٍ،
فَتُلْهِبُ خَطْوِيَ الرَّاحِلَ صَوْبَ مَدَارَاتٍ لا تَعْرِفُنِي،
وأَجْهَلُ كُنْهَهَا.
الوَرْدَةُ الْمُلْهِبَةُ خَطْوِيَ الرَّاحِلَ صَوْبَ مَدَارَاتٍ أجْهَلُ كُنْهَهَا،
ولا تَعْرِفُنِي،
تَحِنُّ إليَّ،
فَيَجْرَحُنِي حَنِينُهَا،
فَتَدْخُلُنِي فأبرأُ،
فَتَمْلأُنُي بِي،
فَأَكْتَمِلُ وأَكُونُ،
فَتَفِيضُ عَنِّيْ،
فَتُؤْخَذُ مِنِّيْ،
وتَخْرُجُ مِنْ ضِلْعِيْ،
فَلا تَبْرَأُ ولا أَبْرأُ،
ولا تَكُونُ ولا أكُونُ،
فَنَنْقُصُ ولا نَكْتَمِلُ،
فَأحِنُّ إلَيْهَا وتَحِنُّ إليَّ،
فَيُرَجِّعُ الحَنِينَ صَوْتٌ مَسْكُونُ بِنَبَرَاتِ وَرْدَةٍ مَوجُوعَةٍ تَحِنُّ،
ورُوحٍ يَلْدَغُهَا حَنِينٌ بلا رُجُوعْ.
الصَّوتُ الَّذِي يُرَجِّعُ الحَنِينَ مَسْكُوناً بِنَبَرَاتِ وَرْدَةٍ مَوجُوعَةٍ تَحِنُّ،
ورُوحٍ يَلْدَغُها حَنِينٌ بلا رُجُوعٍ،
يَؤُزُّنِي رَنِينُهُ،
فيَنْصَبُّ دَمِي سَخيِّاً في عُرُوقِ الوَرْدَةِ،
فلا تَكُفُّ عَنِ الْحَنِينْ،
ولا أكُفُّ عَنِ الْحَنِينْ؛
فَيَا لَغُرْبَةِ رُوحٍ تَرْفٌلُ في حُلَّةٍ مَنْسُوجَةٍ من سِيْمَاءِ تَكَلُّمٍ كَامِنٍ في الْقَلْبِ،
ومِنْ نَقْصٍ يَتُوقُ إلى كَمَالٍ يُنقِصُهُ الْكَمَالْ!
ويَا لَثِقَلِ صَوْتِ تَحْنَانٍ مَكْسُوٍّ بقَمِيصٍ مِنْ وَجَعٍ وَكِتْمَانْ!
ويَا لَخَطْوِ أُمْنِيَةٍ مُعَلَّقَةٍ بَيْنَ وَهْمِ الْمَاءِ،
وخُضْرِ الْقَوُارِيرْ!
ويَا لَصَهيِلِ سَاقِ حَبِيبَتِي الْعَارِيْ!
***
يَا إلَهِي.. يَا إلَهِي.. يَا إلَهِي
قَدْ قِيلَ إنَّهُ لمَّا خَلَقْتَنِي مِنْ تُرَابٍ،
أو أَدَيمٍ،
أو فَرَاغٍ،
أو هَبَاءْ،
خَلَقْتَ لي مِنِّي قَرِينَتِي،
وأَوْدَعْتَ فِيهَا وفيَّ مَا أَوْدَعْتَ مِنْ يَقَظَةِ مَوَدَّةٍ،
وبَرِيقِ مَحَبَّةٍ،
وجَذْوَةِ لَهْفَةٍ،
واشْتِعَالِ هُيَامٍ،
والْتِهَابِ هَوىً،
واتِّقَادِ عِشْقٍّ،
واسْتِعَارِ شَغَفٍ،
واضْطِرام تَتَيُّمٍ،
وَاهْتِيَاجِ شَوقٍّ،
وتأجُّجِ جَوىً،
وعُنْفُوانِ تَدْلِيهٍ وَوَلَهٍ،
ورِقَّةِ تَحْنَانٍ،
وقُلْتَ لنا: هِي ذِي أَمَانَتِي عِنْدَكُمَا،
أَعْهَدُ بِهَا إليكُمَا،
فَلا تَضَعَاهاَ في غَيرِ حَقِّهَا.
وبِنُوركِ السَّاطعِ حَجَبْتَ عَنْ قَرِينَتِي وعَنِّي
رُؤْيةَ مَوْضِعِ أمَانَتِكَ عِنْدَ قَرِينَتِي وعِنْدِي،
فما نَظَرْتُ ولا نَظَرَتْ،
ولا عَرَفْتُ ولا عَرَفَتْ،
ولا رَأَيتُ ولا رَأَتْ،
ولا وَضَعْتُ ولا وضَعَتْ،
فما كُنَّا إلا نَفْسَاً وَاحِدَةً مُلْتَحِمَةً يَحِنُّ كُلُّهَا إلى جُزْئِهَا،
ويَحنُّ جُزْؤُهَا إلى كُلِّهَا،
حَنِينَ النَّفْسِ إلى نَفْسِهَا.
وَبِسِرِّ غُوَايةِ شَهْوَةٍ أَوْدَعْتَهَا في قَلْبِ قَرِينَتِي وقَلْبِيْ،
سَرَى في عُرُوقِ قَرِينَتِي وعُرُوقِي
تِحْنَانٌ طَاغٍ إلى كَمَالٍ نُحِسُّهُ،
نَسْعَى إِلَيهِ،
ولا نَعِيه،
إذْ كَانَ حِجَابٌ مِنْ نُورٍ بَاهِرٍ يَفْصِلُنِي عَنْ قَرِينَتِي وعَنِّي،
فَلا أَرَاهُا ولا أَرَانِي،
ولا أَرَى مَوضِعَ أَمَانَتِكَ عِنْدَهَا وَعِنْديْ،
ولا أَعِي نَقْصَهَا ونُقْصَانِي،
بل أُحِسُّ، كَمَا تُحِسُّ،
أنَّ في اتِّصَالِنَا،
والتِصَاقَنَا،
والتِقَاءِ نَقْصَينَا،
اكْتِمَالٌ يَتُوقُ إلى كَمَالٍ يُنْقِصُهُ الكَمَالْ!
***
يَا إلَهِي.. يَا إلَهِي.. يَا إلَهِي
قَدْ قِيلَ إنَّهُ لَمَّا خَلَقْتَ آدمَ على صُوْرَتِكَ،
وَنَفَخْتَ فِيهِ مِنْ رُوحِكَ،
فَخَلَقْتَنِي مِنْهُ لَهُ وزوَّجْتَنِي إيَّاهُ،
أَوْصَيتَنَا،
أَوْصَيتَنَا ألا نَمَسَّ،
أو نَقْضِمَ،
ثمارَ شَجَرَتين قائمتين في وسط جنَّة أَسْكَنْتَهُ فِيهَا وإيَّايَ.
وَقَدْ كَانَ لِيَقَظَةِ الافْتِتَانِ الْكَامنَةِ فِينَا،
وفي الثِّمَارِ،
أنْ تُلْهِبَ خَطْوَنَا الْمَسْكُونَ بِتَوَقٍ لا يُقَاوَمُ صَوْبَ تِلْكُمَا الشَّجَرَتَينِ
الْلَتَينِ
عَنْهُمَا
نَهَيتَنَا.
وَبِقُدْرَةِ مَشِيئَتِكَ،
إذْ لَيْسَ لنَا أَنْ نَشَاءَ إلاَّ مَا تَشَاءُ،
امْتَدَّتِ اليَدُ،
وَتَكَوَّرَتْ أصَابعُ الكَفِّ،
فَمَسَّتْ،
وَلَمَسَتْ،
ثُمَّ قَطَفَتْ،
وعَادَتْ مُثْقَلَةً بِثَمرةِ شَجَرةٍ مِنْهُمَا قَضَمْتُهَا وآدمُ،
فَاسْتَبْدَلتْ مَشِيئَتُكَ بالنُّورِ البَاهِرِ الَّذي يَحْجِبُنَا عَنَّا،
ويُفَرِّقُنَا
عَتْمَةً مُضِيئةً
تَكْشِفُنَا لنَا،
وتُوَحِّدُنَا،
فَأَضَاءَتِ الْبَصِيرةُ جَسَدِي وجَسَدَ حَبِيبِي،
فَأَبْصَرْتُ بِعَينِ الْجَسَدِ وَأَبْصَرَ،
وَنَظَرْتُ ونَظَرَ،
وَرَأَيْتُ وَرَأَى،
وَعَرَفْتُ وعَرَفَ،
ووَضَعْتُ وَوَضَعَ،
وَأَدْرَكْتُ مَوضِعَ أَمَانَتِكَ عِنْدَهُ وَعِنْدِي وأَدْرَكَ،
فَطَفَقْتُ وإيَّاهُ نُغَطِّي عُرْيَنَا بِخَجَلٍ عَارٍ،
ونَخْصِفُ عَلَينَا مِنْ وَرَقِ جَنَّتِكَ،
حَتَّى وَهَبْتَنَا مِئْزَرَ مَعْرِفةٍ تُضِيءُ وتَحْجِبُ،
فَاسْتَتَرْتُ واسْتَتَرَ،
وصِرْتُ لهُ،
بِمَشَيئَتِكَ،
سِتْراً ولِبَاساً وَسَكَناً،
وَصَارَ لي سِتْراً ولِبَاسَا وَسَكَناً،
وَأَدْرَكْنَا أَنَّنَا حَبِيبَينِ مُلْتَحِمَينِ تَجْمَعُنَا مَحَبَّتُكَ،
وَكَانَتْ نَفْسُنَا الْوَاحِدَةُ بَصِيرةً عَلَينَا
وَلَمْ تَزَلْ بَصِيرةً عَلَينَا،
فَمَا سَأَلْتُهُ نِعْمَةً إلاَّ وأَعْطَى،
وما سَأَلَنِي حَاجَةً إلا ولَبَّيتْ.
***
يَا إلَهِي.. يَا إلَهِي.. يَا إلَهِي
قَدْ قِيلَ إنَّهُ حِينَ تَكَوَّرَتْ تُفَّاحَةُ الْجَنَّةِ في كَفِّ حَبِيبَتِي،
وَقَبْلَ أنْ تَمُسَّ شَفَتُهَا الَبَتُولُ نُعُومَةَ قِشْرَتِهَا،
لِتَقْضُمَهَا،
فَتَتَذَوَّقَ طَعْمَهَا،
وتُطْعِمنِي،
كَانَتْ أَمَانَتُكَ،
عِنْدَ حَبِيبَتِي وعِنْدِي،
عَارِيَةً إلا من نُورٍ بَاهرٍ يَحْجِبُهَا،
فلا تُرَى ولا تُعَرَّى.
وَحِينَ قَضَمَتْ حَبِيبَتِي التُّفَاحَةَ،
قَضَمَتْ قَلْبِي،
فَسَكنَ بَعْضُ قَلْبيَ ضِلْعِي،
وَصَارَ قَلْبُ حَبِيبَتي قَلْبِي،
فَحَنَّتْ وَحَنَتْ،
ثمَّ انْحَنَتْ،
ومَدَّتْ كَفَّهَا،
ومَنَحَتْ،
فَسَرَتْ في وشائج الرُّوُحِ لَهْفَةُ وَلِيدٍ كَوَّرَتْ ثَدْيَ حَبِيبَتي،
في حُلْمِ فَمِي،
تُفَّاحَةَ جَنَّةٍ في رَأْسِهَا نُقْطَةُ عَنْبَرْ،
فَالْتَقَطَتْ شَفَتَايَ رَأْسَ رَأْسِ التُّفَاحَةِ،
فَتَضَوَّعَ عَنْبَرُ أَرِيْجِهِ أَرِيْجَ عَنْبَرٍ في رُوحِي،
ثُمَّ أَقْبَلَ،
فَانْتَصَبَ،
وَانْفَتَحَ،
ودَرَّ،
فَأَمْعَنَتْ شَفَتَايَ في الْهَمْسِ والْمَسِّ،
وَأَمْعَنَ ثَدْيُ حَبيبَتي في الإنْعَامْ،
فَصَارَتْ حَبِيبَتي أُمِّي،
وَصِرْتُ أنَا ابْنَ ضِلْعِي،
وَعَرَفْتُ أَنَّنِي حَيٌّ في جَسَدِ حَبِيبَتي،
وأنَّ جَسَدَ حَبِيبَتي حَيٌّ في جَسَدِي،
وأنَّ مَشِيئَتكَ،
الَّتِي قَدَّتْ مِنْ جَسَدِ أُمِّنَا جَسَدَينَا،
قَدْ شَاءَتْ أنْ تُهْبِطَنَا مِنْ عُيُونِ جَنْتَكِ،
لِتُعِيدَنَا،
مِنْ جَديدٍ،
إلي يَنَابِيعِهَا،
إلى رَحَابَةِ صَدْرِهَا،
إلى ارْتِعَاشِ الْحَيَاةِ في خَلايَاهَا،
لنُعْلي،
في رِحِابِهَا،
صُرُوحَ الْعِشْقِ والْوَلَهِ،
وَلْنَعِشْ،
بِمَشَيئَتِكَ،
في قَلْبِ فَيءِ حَنَانِهَا،
نَتَضَاعَفُ،
وَنَحْنُ حَالِمَينَ سُعَداءْ،
نَعْمُرُهَا،
ونَبْنِي جِنَانَهَا،
ونَنْظرُ إلَيكَ،
عَالياً في الأَعَالِي،
نَتَسَامَى ونَبْتَهِلْ!
***
يَا إلَهِي.. يَا إلَهِي.. يَا إلَهِي
قَدْ قِيلَ إنَّهُ لَمَّا افْتَتَحْتَ الوُجُودَ بالتَّسْمِيَةِ
الَّتِي أَوْدَعْتَ آدمَ حِينَ خَلَقْتَهُ كُنُوزَهَا،
شَاءَتْ مَشِيئَتُكَ أَلاَّ أُسَمَّى،
فَظَلَلُّتُ مُغْفَلةَ الاسْمِ،
مُسْنَدَةً إلى امْرِئٍّ حَيٍّ سَكَنْتُهُ،
وَمِنْ ضِلْعِهِ قُدِدْتُ،
فَلا افْتَرَقْتُ عَنْهُ،
ولا فَارَقَنِي،
فَصِرْتُ امْرأةَ آدمَ،
وَصِرْتُ أُنْثَاهُ الَّتي شَاءَتْ مَشِيئَتُكَ أنْ تَظَلَّ لَصِيقَةً بِهِ،
مَنْسُوبَةً إِلَيهِ،
يَسْكُنُهَا وتَسْكُنُهْ،
إلى أَبَدٍ تَشَاؤُهُ مَشِيَئتُكْ،
فَسَكَنَتْ كَيَانِي أُمْنِيةُ أنْ أُسَمَّى لأُوجَدَ،
ولأكونَ لآدمَ الْكُفْءَ المُسَمَّى والنَّظيرْ.
ومَعْ تَكَاثُرِ نَسْلِي وأَدَمَ،
صَارَتِ الأمْنِيةُ أمَانٍّ،
وَصِرْتُ أَنَا جَمِيعَ النِّسَاءْ:
أَنَا الْمَرأةُ الْمُطْلَقةُ،
تَجَسُّدُ الأُنُوثةِ والجَمَالِ والهَوى،
بِدْءُ الْمَعْرفَةِ وأَبَدِيَّةُ العَودْ،
ابْنَةُ الْحَياةِ وأمُّ كُلِّ حَيٍّ،
ظَبْيَةُ النَّدَى،
غَزَالةُ الْمِسْكِ،
سُنْبُلَةُ الطِّيبِ،
جَذْوَةُ النَّارِ،
نَسْمَةُ الرِّيحِ،
قَبْضَةُ التُّرابِ،
قَطْرَةُ النَّدَى؛
طِفْلِةُ الثَّلجِ،
سَلِيلَةُ السَّمَاءِ والْمَاءْ،
وِشَاحِيَ الشَّمْسُ،
تَاجُ رَأْسِيَ مُكَلَّلٌ بِكَوَاكِبَ
ونُجُومٍ
وأَسْرَابِ غُيُومْ،
في يَدَي تُفْاحَةُ جَنَّةٍ
وفي عُنُقِي عُنْقُودُ كَرْمَةْ،
فَوقَ كَتِفِي شَالُ سُنْدُسٍ
ودِيبَاجٍ مُعَطَّرْ،
وتَحْتَ قَدَمِي عُيُونٌ صَافِيةٌ
ويَنَابِيعُ مَاءٍ فُرَاتْ،
وَبَينَ سَاقيَّ مِنْجَمُ أسْرَارٍ ذو طُلْسُمٍ
وشَامةْ،
رَأْسِيَ مُظلَّلٌ بِسَحَابةٍ مُجَنَّحَةٍ
ذَاتِ أَجْرَاسٍ تَرِنُّ وَتَبُوحْ،
مُلْتَقَي الأَسْمَاءِ أَنَا وَلَيسَ لِي مِن اسْمٍ يُسَمِّينِي،
مَوْفُورَةُ الصِّفَاتِ أَنَا ومَا مِنْ صِفَةٍ تُحِيطُ بِكُنْهِي:
رَاهِبةُ الْعِفَّةِ أَنَا،
سَيِّدةُ الافْتِتَانْ،
بِدَايَةُ الْبَوحِ،
خَاتِمةُ الْكَلامْ!