الكتابة النسوية في السودان
يحتوي هذا الملف على دراسات ومقالات وشهادات ونصوص قصصية وشعرية نسوية من السودان، وهو بمثابة محاولة أولى من قبل “الجديد” لاستكشاف خارطة كتابة المرأة في السودان، البلد الشاسع في مساحته، العريق في تاريخه، المتعدد في مكوناته الثقافية والدينية.
مقالات الملف تحاول الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالقضايا التي طرحتها الكتابة النّسوية السُّودانية، وهل كانت الكتابة النسوية تتطلع إلى امرأة جديدة، تلاحق حركة التغيرات في المجتمع؟ أم أن رهانها خاب بسبب تغلغل الذكورية في بنية المجتمع السوداني ووقوف السلطة بمفهومها الزمني وأيضا بمعناها الأيديولوجي حاجزا ضد تطلعات المرأة وآمالها؟
الإجابة عن مثل هذه الأسئلة تتطلب، بطبيعة الحال، قراءة وافية للنصوص وتتبعا لأبرز الكتابات النسوية على امتداد تاريخ الكتابة الحديثة في السودان. وأيضا تتبع مراحل التحوّل والتغيير في بنية المجتمع، وانعكاساتها على الحراك الأدبي. بعض ما في هذا الملف النقدي يجيب عن أهم هذه الأسئلة من خلال رحلة بانورامية مع أبرز الأسماء والآثار التي برزت في الكتابة النسوية في السودان، لا سيما في حقل كتابة الرواية.
الجانب النظري من هذا الملف من شأنه أن يكشف عن صورة المرأة كما جسّدتها المرويات النسوية، وجزء مما رمت إليه المقالات هو تحليل العلاقة بين الاطراد الكمي للنتاجات النسوية، وتمثّل تقنيات جديدة على مستوى الكيف وذلك بداية من النتاجات الأدبية المكتوبة بِيَديْ الجيل الأول وصولا إلى جيل الألفية الجديدة من الكاتبات.
تتأتى الكتابة النّسوية السودانية، كما يتبدى لنا من المقدمات النقدية، من حيز سوسيولوجي (اجتماعي – سياسي) يُعْنَى بالتعبير عن طموحات الكاتبات ورؤاهن للعالم. وهو ما أنتج “موجة ثالثة” في الرواية السودانية على حد تعبير منصور الصويم. وقد اصطدمت هذه الكتابات بقمع الأنظمة الدكتاتورية تارة وتشدد السلطة الدينية تارة أخرى.
الكتابة النسوية في السودان لم تختلف في هاجسها وقضاياها التي طرحتها في الرواية مثلاً عن الرواية السودانية التي يكتبها الرجال بصفة عامة. ويلاحظ الناقد ممدوح فراج النابي أن في استعارتها للتقنيات الروائية مشتركات بعضها مشدود إلى تراث الرواية نفسه، حيث هيمنة الراوي الأنا في الكثير من الكتابات، ما يجعلها تبدو أقرب إلى الكتابة السيرية، وقد تردّدت داخل الخطاب الروائي النسوي ثيمات وأساليب جاءت في بعض المواضع قديمة كالاعتماد على الحوارات بصفة مطلقة.
من فضائل الرواية النسوية السودانية أنها لم تقدّم لنا صورة لرجل مشوّهٍ، أو حتى صورة سلبية له مقابل صورة مثالية للمرأة. بل على العكس تماما جاءت صورة الرجل وفقا لسياق ثقافي ساهم إلى حد كبير في تشكيلها. ومن ثم كانت شخصيته حاملة لأنساق البيئة والجماعة التي ينتمي إليها.
في الشعر لا بد أن نشير إلى أن البعد الرومنطيقي وشيء من الرمزية الخفيفة يخيمان على كتابة المرأة السودانية للشعر، وبخلاف أصوات قليلة جدا، لجأت إلى التجريب الشعري، كنجلاء عثمان التوم، فإن انشغالات الشاعرة السودانية الحديثة وتطلعاتها الفنية والتعبيرية لا تخرج عن نظيرتها لدى الشاعرات العربيات الأخريات، وإن بدت أكثر ميلا ونزوعا إلى توليد الغنائية في القصيدة.
قلم التحرير
لمتابعة الملف: