الإرث المتوسطي
لطالما كان المتوسط، واسطة العقد، ولبّ الكتاب، أينما مضيت في العالم، ومهما ابتعدت في الأرض ستجده في الطعام واللباس والعمارة واللغة. وتجده في الأغنية والرقصة وموسيقى المعبد. وكذا في الخرائط والألوان.
وتجده مقبلا عليك حيثما ولّيت وجهك جهة الغرب، فأسماؤه وكتبه وأبطاله القدامى تجدهم في كل جهة من جهات الأرض أمثلة وأقنعة وحكايات للأطفال. حتى لكأن الغرب لا يمكنه أن يتعرّف وجوده إلا في مرآة الشرق، ففي الأبعد في الجغرافيا وحيثما وصل المغامرون الأوروبيون بمراكبهم الشرهة، وكلما وقعت على سحر فاحت في أسراره أسرار المتوسط، وإذ تستقبل نسمة في أقصى العالم، سوف تهبّ معها روائح المتوسط. فهو سرة الأرض وعروة الأشياء.
في وقت أسبق كان للبشرية أيقوناتها الكبرى وعجائبها التي تحدّرت إليها من صنيع أجداد أسطوريين وواقعيين؛ دليلا إلى طبائع نزوعهم نحو الكمال الذي تصوروه كل مرة في مثال وتطلع إلى مثال يعكس ما يمور في أعماقهم، ويتراءى على سطح تلك البحيرة العظيمة، المتوسّط؛ سبع هي عجائب الدنيا كما حفظتها أقدم السجلات، وكلها في المتوسط. فهل هذه مصادفات الأزمنة أم أقدار الجغرافيا على ضفاف بحيرة العجائب؟
في الملف، مقالات ودراسات وقصائد مترجمة تضيء مجتمعة على علاقة الثقافة العربية بالثقافة اليونانية، لاسيما في الحقبة الهيلينيستية التي كان للسوريين القدامى فيها الدور الطليعي المؤسس على مدار ثلاثة قرون متعاقبة منذ أن انتصر الإسكندر الأكبر على الفرس في سنة 332 قبل الميلاد، وحتى حلول الإمبراطورية الرومانية محل الإمبراطورية اليونانية سنة 30 ميلادية.
الملف فاتحة لا غير، وهو بمثابة دعوة لملفات أخرى في السياق نفسه.
قلم التحرير
شارك في إعداد الملف:
يسرى أركيلة – عواد علي
لمتابعة مقالات الملف:
- البحر المسكون بالسرد
- الذاكرة الجمعية المكانية والاستخفاف بالمعرفة التاريخية
- ميليا غروس شاعر الحب الكوني
- واجهة دمشق البحرية
- ذاكرتنا المتوسطية
- المتوسط الذي لي
- يوحنا الدمشقي
- أثر الاختلاف الثقافي في نماء الإرث الإنساني
- المتوسط والخروج من قدر الانتماء
- المتوسط
- المتوسط بأصوات إيطالية
- سلام ميلياغروس
- 13 قصيدة ميلياغروس
- كنتَ سورياً